Wednesday 23 January 2013

من هو السني؟ هل يمكن ان يكون الثائر والمتظاهر والخارج على الحاكم سنيا؟ لماذا لا يكفر من يدعي الانتساب للمذهب السني بالفكر السني الأموي التخديري؟

قال امام اهل السنة أحمد بن حنبل :" ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسُمِّي (أميرُ المؤمنين) فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً، براً كان أو فاجراً". وروى عن رسول الله في كتاب "المسند" حول ( طاعة الإمام وترك الخروج عليه وغير ذلك): "يكون بعدي أئمة لايهتدون بهداي ولايستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس قال حذيفة: قلت : كيف أصنع يارسول الله ؟ إن أدركت ذلك ؟؟ قال : تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك , فاسمع وأطع ".

انظر أيضا البخاري، حديث رقم ( 7084) ومسلم ، حديث رقم (1846) و ( 1847) باب ( يصبر على أذاهم وتؤدى حقوقهم) وابن تيمية، أحمد عبد الحليم 1328: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج 35 باب الخلافة والملك، ص 8 – 9

الإمام أحمد بن حنبل (780 – 855 ): الطاعة لأولي الأمر

يعتبر الإمام أحمد بن حنبل إمام "أهل السنة" ومؤسس المذهب الحنبلي في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي). وقد انبثق هذا المذهب من رحم "أهل الحديث" الذين كانوا يعتمدون على النقل، في مقابل "أهل الرأي" الذين كان يقودهم الإمام أبو حنيفة النعمان (767) وتبلور في مواجهة من كان يطلق عليهم "أهل البدعة" وهم "المعتزلة" الذين كانوا يعظمون دور العقل ويقولون بخلق القرآن. وقد تعرض الإمام أحمد بسبب رفضه للقول بخلق القرآن الى محنة على أيدي الخلفاء المعتزلة كالمعتصم (841) والواثق (847) ودخل السجن ولم يتراجع عن رأيه ، حتى أخرجه الخليفة المتوكل (861) وقربه اليه وأكرمه، فاعتبره الحنابلة "ناصر السنة".
ومن أشهر كتبه: "المسند" الذي جمع فيه أربعين ألف حديث، ومن بينها الأحاديث الموروثة من العهد الأموي والتي تدور حول العلاقة بين الناس والحكام وتنص على ضرورة الطاعة لأولي الأمر، وكتاب "أصول السنة" الذي تطرق فيه الى مسألة الشرعية السياسية، وأصَّل لشرعية الحكام الذين يستولون على السلطة بالقوة وقال بوجوب السمع والطاعة لـ"أمير المؤمنين البر والفاجـر ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن تغلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسُمِّي أميرُ المؤمنين، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً". واعتبر ذلك ركناً من أركان السنة والجماعة. ورفض الخروج على الإمام الذي يجتمع عليه الناس ويقرون له بالخلافة، سواء بالرضا أو بالغلبة، واعتبر القيام بذلك خروجا وشقا لعصا المسلمين، ومخالفة للأحاديث الواردة عن الرسول، وابتداعا على غير السنة "فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية". ولذلك رفض الإمام أحمد الخروج على الخلفاء العباسيين المعتزلة الذين كانوا يضطهدون أهل الحديث وأوصى فقهاء بغداد، الذين اجتمعوا إليه وشكوا تفاقم الحال من القتل والتعذيب، بعدم الخروج والاكتفاء بالاستنكار بالقلب. ورغم أن الإمام أحمد لم يكن يعتبر الحكام الأمويين والعباسيين "خلفاء" بكل معنى الكلمة، بناء على حديث رواه عن الرسول يقول فيه ان "الخلافة ثلاثون سنة ثم يكون بعد ذلك الملك". وكان يتهم المعتصم بإماتة السنة ويصفه بأنه "عدو الله وعدو الإسلام". الا أنه أضفى نوعا من "الشرعية" على الحاكم القائم "البَرّ والفاجر" إذا كان من قريش.
وقد اتخذ الإمام أحمد موقفه هذا الذي أصبح علامة بارزة لأهل السنة عبر التاريخ، بناء على مجموعة من الأحاديث التي رواها هو وغيره من أهل السنة، عن الرسول والتي توصي بالطاعة لأولي الأمر وتنهى عن الخروج عليهم ما أقاموا الصلاة، والوفاء لهم حتى وان ضربوا ظهور الناس وأخذوا أموالهم وحقوقهم. وربما اتخذ موقفه هذا كرد فعل على الشيعة والخوارج الذين كانوا يؤمنون بالثورة المسلحة ويقومون بها بين آونة وأخرى، وفي محاولة منه لتعزيز السلام والاستقرار ودرء الفتن الداخلية. ولكنه أسس لشرعية القوة وتنكر لمبدأ الشورى والانتخاب. وحتى في قراءته لشرعية الخلفاء الراشدين فان الإمام أحمد لم ينظر الى طريقة وصولهم الى السلطة عبر الشورى أم لا، ولا الى ممارساتهم ونظرياتهم السياسية، بل أضفى عليهم جميعا هالة من القدسية ترفض نقد أي واحد منهم، بناء على الأحاديث النبوية التي تعتبرهم خلفاء وتأمر بالاقتداء بهم.
وقد تبنى موقف الإمام أحمد تجاه الحكام المتغلبين، كثير من فقهاء أهل السنة عبر التاريخ، وعلى رأسهم الإمام أبو الحسن الأشعري (936)، وأبو يعلى الفراء (1065). وإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني ( 1085). وأبو حامد الغزالي (1111). ودخل مبدأ القوة في العقل السياسي (السني) بحيث صار التغلب هو الأصل والطريق الوحيد للرئاسة.

فقرات من كتاب: الشرعية الدستورية في الانظمة السياسية المعاصرة، دراسة مقارنة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، لأحمد الكاتب

No comments:

Post a Comment