Sunday 20 January 2013

تهميش السنة في العراق .. حقيقة؟ أم أسطورة؟
 وهل ينتهي التهميش بتبوئهم منصب رئاسة الوزراء؟

أود أن اتحدث مع الجميع كأخ محب، وليس كمناقش او منافس سياسي، فأنا لا أؤمن بالطائفية ولا بالمذاهب، واعتقد انها تيارات سياسية قديمة ميتة وبائدة ولم يبق منها سوى مخلفاتها وبعض قشورها، ولكن هذه المخلفات والقشور لا تزال تسمم الحياة السياسية والاجتماعية و تعرقل عملية بناء الوطن، كما انني أؤمن بأن الديموقراطية لا يمكن ان تقوم على اساس العدل والمساواة، ولذلك اسمحوا لي أن اتحدث ببعض الصراحة: فأقول أن مسألة تهميش السنة ليست الا اسطورة، اذا نظرنا اليها من زاوية القانون والدستور والمواطنة والمشاركة أو المحاصصة السياسية، اذ لا يوجد في القانون والدستور ما ينص على تمييزهم او نهميشهم بل ان اهل السنة اليوم يأخذون من المناصب والوزارات أكثر مما كان يأخذ الشيعة في الانظمة السابقة طوال تاريخ العراق الحديث، كما يأخذ الاخوة الاكراد من المناصب والوزارات اليوم اكثر مما كان يأخذ الشيعة من قبل، اذن فأين هي المشكلة ولماذا يقول اهل السنة انهم مهمشون؟ وهل هم مهمشون فعلا؟
اذا نظرنا الى الأمر من زاوية طائفية، فيمكن ان نقول: نعم، وذلك في المنصب الوحيد الأعلى أي منصب رئاسة الوزراء، الذي امتلكه الشيعة واقعيا وعمليا في النظام الديموقراطي الجديد نظرا لتشكيلهم الأكثرية النيابية، وربما كان الاخوة من اهل السنة يقصدون هذا الشئ، والا فانهم يحكمون أنفسهم في محافظاتهم ويشاركون في الوزارة حسب حصص نوابهم.
ورغم اني ارفض الطائفية، الا ان ذلك لا يعني ان انكر الواقع الطائفي الموجود في العراق اليوم، ولا اريد هنا الآن ان احلل اسباب نشوء الواقع الطائفي النفسي، وانما اريد ان اقول ان هذا واقع، وهذا لن يتغير الا بأمرين: أولهما: تعديل الدستور من نظام برلماني الى نظام رئاسي، يتيح لأي مواطن شيعي او سني او كردي او عربي او تركماني أبيض او اسود ان يرشح نفسه للرئاسة ويخاطب الجماهير مباشرة ويطلب ودهم وثقتهم. والأمر الثاني: ضرورة الابتعاد العملي والحقيقي عن الطائفية والقبلية، اي على اي مرشح رئاسي كما  على اي مسؤول آخر، ان ينظر الى المواطنين باعتبارهم مواطنين لا باعتبارهم شيعة وسنة وعرب واكراد ومن هذه القبيلة او تلك، وهذا يقتضي من اي مرشح ومن اي حزب يقف وراءه ان يسلك سياسة وطنية وحدوية صادقة تتبنى قضايا كل الجماهير من مختلف الطوائف، لا ان يتبنى قضايا قومه وطائفته فقط ويهاجم القوميات والطوائف الاخرى وينكر حقوقها ويعادي مصالحها، ولنا في التاريخ  العراقي الحديث امثلة بسيطة ونادرة ولعل ابرزها الزعيم عبد الكريم قاسم الذي لم يعرف احد هويته الطائفية ولا القومية هل هو سني ام شيعي ؟ عربي أم كردي؟ وذلك لأن والده عربي سني وامه شيعية كردية كما يقولون، ولكنه لم يكن سنيا ولا شيعيا ولا عربيا ولا كرديا وانما كان مواطنا عراقيا وطنيا فقط، ولذلك احبه الشيعة قبل السنة والعرب قبل الاكراد، ومن هنا استطيع القول ان رفع شعار تهميش السنة لا يحل من المشكلة شيئا خاصة اذا رافق ذلك سب وشتم لعامة العراقيين الشيعة ووصفهم بالصفوية والايرانية والمجوسية،  لأن ذلك سيضخم عقدة الطائفية لديهم والخوف من الآخر السني ويعقد الأمور أكثر مما يحلها،
 ودعوني اقول لكم بصراحة: ان ازالة تهميش السنة، او بالاحرى فتح الطريق امام السنة لتسنم منصب رئاسة الوزراء، يمر عبر الابتعاد عن الشعارات الطائفية والهتافات الاستفزازية،  والتماهي والذوبان في المحيط النفسي الوطني العراقي وحب الآخرين والعمل من اجل رفع الظلم عنهم، ومتى ما وجد الشعب او أغلب الشعب من اي مرشح الصدق والاخلاص والحب واللاطائفية فانهم سيبادلونه الحب والاحترام والتقدير ويضعونه على رؤوسهم. وسوف ينتخبونه رئيسا للعراق بغض النظر عن هويته الطائفية التاريخية،
انني هنا لا اقدم دراسة معمقة، وانما اكتب خواطر سريعة فقط، وبالتأكيد ان الأمر يحتاج الى مزيد من التفكير والحوار والنظر،  وأمد يدي الى جميع الاخوة من الشيعة والسنة للعمل من اجل الخروج من دوامة الطائفية المقيتة المناقضة للديموقراطية

No comments:

Post a Comment