Monday 4 February 2013

عندما قام أحمد الكاتب بالمشاركة "باغتصاب" مسجد سني في كربلاء
سنة ١٩٦٩
لكي نعالج مشكلة ما ، لا بد أحيانا من التحلي بالصراحة حتى لو كانت مؤلمة بعض الشيء، ولكي نعالج الأزمة الطائفية الراهنة في العراق، لا بد ان نضع اصبعنا على بعض الاسباب والجذور، ليس من باب الجدل الطائفي وانما من اجل الحل واعادة اللحمة الى الشعب العراقي الجريح والمثقل بالهموم، ومن تلك الاسباب للمشاكل ادعاء بعض المشايخ السنة باغتصاب الشيعة لمساجدهم بعد سقوط نظام صدام، وليست لدي قائمة مفصلة بأسماء وعناوين تلك المساجد التي يزعمون اغتصاب الشيعة لها، ولا اريد ان اتوقف هنا طويلا عند كلمة اغتصاب، فان المساجد لله وهي مفتوحة لجميع المسلمين وليست ملكا لأحد، حتى الواقف يوقف المسجد قربة الى الله تعالى ويرفع يده عن المسجد ولا يحق له التدخل فيه، وعلى اي حال، فقد كانت هذه الدعوى سببا في احتقان بعض الاخوة السنة في العراق، ومن المعروف ان النظام السابق او الدولة العراقية السابقة منذ تأسيسها والتي يصر البعض حتى اليوم بأنها لم تكن طائفية وانا ازعم انها كانت طائفية حتى العظم كما نقول في العراق، والدليل انها كانت تأخذ من ميزانية الشعب العراقي لتصرف على طائفة خاصة وتحرم طائفة أخرى، فكانت تبني المساجد للاخوة من اهل السنة ولا تبني ولم تبن مسجدا واحدا للشيعة طوال سبعين عاما من حياتها قبل سقوط صدام، وذلك لأنها كانت تستفيد من تلك المساجد في تعزيز الولاء الشعبي لها وتكريس ثقافة الطاعة، حيث كان أئمة المساجد السنة يسبحون بحمد الحاكم ويمجدونه ولا ينتقدونه على عكس المساجد الشيعية الحرة التي كان المواطنون الشيعة يبنونها بأموالهم الخاصة، وقد كانت الحكومات العراقية المتعاقبة الطائفية تقوم احيانا ببناء مساجد خاصة كبيرة لأهل السنة في المدن الشيعية ككربلاء والنجف، من اجل بعض الموظفين السنة، امعانا في السياسة الطائفية، رغم فتح المساجد الشيعية ابوابها لجميع المسلمين دون استثناء وعدم منع اي سني من الصلاة فيها، وبعد سقوط نظام صدام قام بعض الشيعة بالاستيلاء على بعض المساجد السنية في بعض المدن الشيعية ككربلاء، باعتبار انها مساجد حكومية بنيت من اموال الشعب العراقي ولم تبن بأموال السنة الخاصة، ومع ذلك فقد اصدر المرجع السيستاني فتوى بضرورة ارجاع تلك المساجد لمن كان يديرها سابقا واعطاء الرواتب لأئمة تلك المساجد من اموال المرجعية، درءا للفتنة الطائفية،
ورغم ايماني بحق جميع العراقيين وجميع المسلمين بالصلاة في جميع المساجد، وعدم وضع اية لافتة طائفية على اي مسجد لأن المساجد لله ولا يجوز ان ندعو مع الله احدا، فقد كنت افضل ان تبقى تلك المساجد بيد أهل السنة حتى لو كانت تشكل شوكة سياسية اكثر مما كانت او تكون محلا للعبادة، ولو كنت املك اموالا خاصة لبنيت لكل طائفة من المساجد ما يفيض عن حاجتها اذا كان ذلك يهديء من روعها ويطفي الفتنة، ولكن بشرط عدم منع اي مسلم من اقامة الصلاة في اي مسجد فرادى او جماعات، او بصورة مشتركة، واذكر في هذه المناسبة حادثة حدثت لي قبل حوالي خمس واربعين عاما، وذلك في سنة ١٩٦٩ عندما بنت الحكومة مسجدا لأهل السنة في شارع النجارين في كربلاء او قامت بتجديده، فقمت مع مجموعة من المؤمنين بالذهاب الى ذلك الجامع واقامة الصلاة فيه، ولا انكر انه كان في عملنا ذلك شيئا من التحدي للحكومة الطائفية التي تميز بين المسلمين فتبني مسجدا لطائفة وتهمل مساجد طائفة أخرى، المهم اننا لم ندنس المسجد ولم نعبث به ولم ننتزع المسجد من اصحابه ولم نمنع احدا من الصلاة معنا، وانما قمنا فقط بالصلاة، ومع ذلك قامت الشرطة بتطويقنا واعتقال بعض الشباب. لقد كان عملنا نوعا من رد الفعل على سياسة حكومية طائفية، من قبل حكومة تدعي العلمانية والقومية، وقد حدثت بعض القصص المشابهة في السنوات الأخيرة، وقد تحدثت عنها ، وحدث نوع من الخلاف بين الوقفين السني والشيعي على ادارة بعض المراقد التاريخية، وقد استنكرت ذلك الخلاف وقلت انه ليس خلافا في سبيل الله وانما هو خلاف سياسي او مالي بين جهتين، وعبرت عن خشيتي من تسبب ذلك الخلاف بحدوث نوع جديد من الاحتقان الطائفي، الذي لا مبرر له، ولكن ماذا نفعل مع بعض العقول الطائفية الضيقة التي تتقاتل من اجل ادارة مراقد بعض الاموات الذين لم يبق من اجسادهم شئ حتى العظام.
ولعل من ابرز القضايا الخلافية هو انتزاع الشيعة لادارة قبر الامامين العسكريين في سامراء من يد السدنة السنة بعد تفجير المرقد سنة ٢٠٠٦ وقد طالبت واطالب اليوم باعادة هذا المرقد الى الاخوة السنة درءا للفتنة ومحافظة على المشاعر الطائفية قبل ان تتحول الى قضية سياسية كبيرة او فتنة لا تبقي ولا تذر ، لا سمح الله، والتفكير والاهتمام بخلق الله الاحياء اكثر من الاموات

No comments:

Post a Comment